حوار- ميادة الصحاف:
أكد الرحالة الدراج خالد محمد الجابر أنه أول عربي قطع طريق الحرير من مساره الأصلي، وقطع أول مسار متصل على كوكب الأرض بدراجته النارية، لافتاً إلى أنه وصل لأعلى نقطة في جبال الهمالايا، وأن طريق الحرير رحلة أحلامه، ورحلة بين القطبين من أخطرها.
وقال الجابر الحاصل على بكالوريوس في أنظمة المعلومات وماجستير في مكافحة جرائم الكومبيوتر من الجامعة الأمريكية في بريطانيا، إنه من أوائل القطريين الذين أدخلوا الدراجة النارية في مغامرة الرحلات، معبراً عن سعادته لالتحاق العشرات من الدراجين القطريين بالدورات التدريبية في هذا المجال.
وأشار الجابر، الذي ينحدر من عائلة دبلوماسية، إلى أن تنقله وعائلته بين دول عديدة منذ طفولته، نمَّى حبه للسفر والترحال، وكسر حاجز الغربة لديه، موضحاً أن شقيقيه دراجان أيضاً، لكنه الوحيد الذي اقتحم عالم مغامرة الرحلات.
وإلى تفاصيل الحوار:
منذ متى دخلت مجال الرياضة، ولماذا الدراجة النارية تحديداً؟
تولد شغف حب الرياضة لديّ منذ الطفولة، وبدأ تعلقي بالدراجة النارية عندما كان عمري سبع سنوات. وبدايتي مع السفر كانت بالسيارة، جبت أوروبا، واعتمدت الخرائط اليدوية قبل توفر أنظمة الملاحة الرقمية. بعدها مزجت حبي للسفر مع حبي للدراجة ضمن فئة واحدة، فأصبحت رحالة يستخدم الدراجة النارية كوسيلة من وسائط النقل، يهوى المغامرة والتحديات في الظروف الصعبة والوعرة.
متى وكيف بدأت مغامراتك بالدراجة النارية؟.
تلقيت دورات عديدة لقيادة الدراجة في المناطق الوعرة، وكنت من الأوائل الذين أدخلوا الدراجة النارية في المغامرة كمجال جديد، كونها تسير في الطرق الوعرة والمناطق البركانية، وتقطع الأنهار أحياناً أثناء السفر. قمت برحلات عديدة لدول أوروبية وخليجية كثيرة لم أعلن عنها، لأني كنت أبني لنفسي مهارات وخبرة، وأتعلم اكتساب أميال، حتى أصبحت جاهزاً للمغامرات. وأحرص جداً على أناقة قائد الدراجة، والتي تقاس بارتداء ملابس الحماية اللازمة.
في صيف 2016، وبالرغم من عدم موافقة الأهل خشية من مخاطر المغامرة، قمت برحلتي في صحراء الربع الخالي، وكانت الأولى التي أعلن عنها بشكل رسمي، وقد استغرقت خمسة أيام، وكانت بمثابة تحد للقدرة، حيث بلغت درجة الحرارة حينها 60 درجة مئوية، وأيضاً لتأهيل نفسي لأول رحلة في قارة آسيا وهي «رحلة الهمالايا» أو «الثريا» كما أسميها، والتي أعقبتها بعد شهر. تسلقت قمم الهمالايا بالدراجة النارية، ووصلت لأعلى نقطة من الممكن أن تصلها أي دراجة وهي 4600 متر، كانت الرحلة الأصعب لوعورة الطرق وصعوبة التنفس، وعدم توفر الطعام والماء بشكل كاف، فضلاً عن انعدام التكنولوجيا لدرجة أني انتظرت على القمة خمسة أيام بدون وجود أي شبكة اتصال تمكنني من الاطمئنان على أسرتي في الدوحة.
كنت أول رحالة عربي يقطع طريق الحرير من لندن إلى بكين على متن دراجة نارية عام 2017، هل تعتبره انجازاً فردياً، أم إسهاماً في رفع اسم قطر؟
في عام 2017 حققت إنجازاً آخر وهو طريق الحرير وأعتبرها رحلة أحلامي، لأني مولع منذ طفولتي بالتاريخ والجغرافية، وعاشق لهضبة التبت وجبال الهمالايا وطريق الحرير رغم خطورته المعروفة.
رحلة طريق الحرير حدثت بالصدفة، حيث كنت أبحث في موقع جوجل، وعلمت باستعداد الرحالة البريطاني كيفن ساندرز للقيام بهذه الرحلة، وهو رحالة معروف وصاحب الرقم القياسي في موسوعة جينيس، دار حول العالم بدراجته النارية في 19 يوماً فقط، فتواصلت معه ورافقته في هذه الرحلة الخطرة جداً. أكملت الرحلة ورفعت علم قطر وأنا أرتدي تي شيرت تميم المجد، وكان إنجازاً عربياً، اجتزت 19 دولة، وقطعت بحر قزوين على متن عبّارة لمدة ثلاثة أيام.
وفي عام 2018، قمت بالإنجاز الأكبر في حياتي وهو رحلة بين القطبين، والتي كانت تبث على الهواء مباشرة بدعم من قناة الجزيرة مباشر، وتابعها عدد كبير من المتابعين في الخليج والمنطقة العربية أجمع.
حصلت على أول لقب عربي يقوم بقطع طريق الحرير على دراجة نارية من مساره الأصلي، وأول عربي يقطع أول مسار متصل على كوكب الأرض بالدراجة النارية، وأي إنجاز أقوم به أهديه إلى قيادة بلدي، وعلى رأسها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فالقيادة هي الداعم الأول لجميع المبادرات الشبابية.
هل هناك عدد كبير من الدراجين القطريين؟
سابقاً، لم يكن هذا النوع من الدراجات النارية المختص بالمغامرة مألوفاً في قطر، واليوم أشعر بسعادة كبيرة لدخول عشرات الدراجين القطريين المجال، يترحلون بين دول العالم. كما بدأت الدورات في دراجة المغامرة في قطر، والتحاق عدد كبير من المتدربين، واقتنائهم هذا النوع من الدراجات الخاص بالمغامرات، والتخييم والاعتماد على النفس وغيرها من الأمور الأخرى.
بالإضافة إلى تقلبات المناخ والصعوبات التي يواجهها الرحالة أثناء رحلته، ما أبرز المخاطر المحتملة والتي قد تؤدي إلى تأخير أو عرقلة سيره؟
بالإضافة إلى التقلبات المناخية والظروف الطبيعية الصعبة لكل بلد، يتعرض الرحالة إلى مواقف خطرة عديدة، فقد تعرضت لمحاولة اختطاف، وتعرضت لسرقات حتى اضطررت أحياناً لوضع الدراجة النارية داخل ردهة الفندق، كما أشهر سلاح على رأسي في إحدى محطات البترول، وجميع تلك الظروف الصعبة تخلق ذكريات جميلة في روح المغامر.
ذكرت أن رحلتك بين القطبين كانت من أصعب رحلاتك.. ما الذي دفعك للقيام بها؟
صحيح، لأنها أطول مسار متصل على كوكب الأرض، يقطع دول خطرة جداً مثل أمريكا الجنوبية وأمريكا اللاتينية، وأيضاً لوعورة الطرق فيها. لكني اخترتها لأني رغبت بعمل إنجاز آخر بعد طريق الحرير والناس كانوا متعطشين لإنجازي الجديد. وقد قامت سفارة قطر في الأرجنتين مشكورة بعمل موكب لاستقبالي بشكل رسمي، شعرت بفخر إنجازي، ورفعت علم قطر، علماً بأن لكل رحلة علمها الخاص، والمؤرخ بتأريخ الرحلة.
هل تفضل القيام بالرحلات الفردية أم الجماعية؟
أفضل الرحلات الفردية، وعرفت بذلك دوماً، حيث أنظم وقتي وجدولي دون التقيد بالآخرين، وأواجه المغامرة بشكل فردي ليكون الإنجاز شخصياً. كذلك فالرحلات الجماعية أخطر من الناحية الأمنية، حيث ينجذب قطاع الطرق للجماعات، ولذلك أترك مسافة 5 كيلومترات بيني وبين بقية الدراجين لو قمت برحلة جماعية، فضلاً عن أن سقوط أحد الدراجين يسبب سقوط وتعثر كل من خلفه.
إلى جانب الرياضة، لديك شركة إنتاج سينمائي، هل هي هواية أم مصدر رزق؟
في عام 2010، وبعد أن تركت عملي كمهندس شبكات، افتتحت مع شريكي المخرج أحمد الباكر شركة «أنوفيشن» المختصة بالإنتاج السينمائي كمصدر للرزق. في البداية كانت مجرد بزنس، بعدها تلقيت دورات عديدة في الإنتاج والإعلام، توسعنا في عملنا كثيراً، واليوم نعمل كمجموعة من صناع الأفلام والمخرجين والمنتجين والممثلين والممثلات، منحنا المكان بيئة عمل منزلية ليستقطب أكبر عدد من الناس. أنتجنا أفلاماً طويلة وقصيرة، وشاركنا في مهرجانات كبيرة، مثل مهرجان «كان» لأربع دورات على التوالي، ومهرجانات الأفلام العربية في كندا والبرازيل ودول أوروبية عديدة، وفزنا بجوائز في الدول الخليجية.
كما طرحنا دورات عديدة في التمثيل، ومكتبنا مفتوح أيضاً لطلبة الجامعة لعمل مشاريعهم، نزودهم بالكاميرات والاستوديو الصوتي بدون مقابل. معظم الممثلين والمخرجين كانوا طلابنا في يوم من الأيام، ولأننا ساعدناهم سابقاً، فضلوا أن يكونوا تحت مظلتنا. أشعر بفخر عندما أدخل تطبيق الإنستجرام وأقرأ شخصاً يكتب مخرج مع شركة أنيفيشن، ولا نزال نرحب ونستقطب الشباب.
وثقت رحلتك لأوروبا من خلال فيلم وثائقي، فهل سيكون هناك فيلم مماثل عن رحلتك بين القطبين؟
أنتجنا أفلاماً لأفراد تتعلق بالقنص، وصورنا تصويراً فوتوغرافياً لرياضيين ولألعاب رياضية، بالإضافة إلى الأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة والدعايات. ويعتبر فيلم «رحال» أول فيلم مختص بالمغامرات تنتجه شركتي، للمخرج المبدع خليفة المري، بدأ كمشروع تخرج قصير، لكني أعجبت بالفيلم، فأدخلت بعض الإضافات والمؤثرات الصوتية، ثم عرض في مهرجان «أجيال» السينمائي في قرية كتارا الثقافية. وثق الفيلم رحلتي في طريق الحرير من خلال دمج شرائط الفيديو التي أنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي بهيئة فيلم. لكني لن أوثق رحلتي بين القطبين منعاً للتكرار.
حالياً نعمل على إنتاج مسلسل كرتوني متعلق بالترحال، سيتناول شخصية كرتونية تطابق شخصيتي، وترحالي مع الدراجة النارية، وهو مسلسل تثقيفي للأطفال بطابع كوميدي ساخر، يتناول المواقف الكوميدية التي تعرضت لها خلال رحلاتي، مدموج بلقطات حقيقية، يهدف إلى ترغيب الأطفال بهذا المجال.
من الواضح أنك شخص يهوى السفر، هل أثر ذلك على حياتك الاجتماعية؟
ابنتي الكبرى أكثر شخص تأثر بغيابي، بالإضافة إلى والدتي، وزوجتي، التي تدعمني وتشجعني دوماً.
أكثر ما أشتاق إليه في رحلاتي، تجمع العائلة والأحاديث الشيقة لجميع أفراد الأسرة، وأطباق والدتي وأشعر بالفخر عندما أرى أن والدي أول من يستقبلني بالمطار، كما أنه بجانبي في كل تكريم، واعتبرهم أكبر داعم لي، كما أنهم اليوم يفتخرون بإنجازاتي.
ما هو إنجازك القادم؟
في غضون الأشهر المقبلة، سيتم الإعلان عن مغامرة جديدة أقصر من مغامرة بين القطبين ولكنها أكثر خطورة.
المصدر: جريدة الراية