في أول أيام شهر مارس البارد, كانت درجة الحرارة حتى اللحظة أقل من الصفر في هذاك الصباح اللي كنت متوجه فيه الى المعهد لدراسة اللغة الألمانية بالدراجة النارية, بديت يومي وانا احاول أقشر الصقيع من على الدراجة ومقعد الدراجة, وعلشان اتجنب الشعور بالتجمد أثناء القيادة, حطيت سماعات الموبايل في أذني واتصلت في صديق وانا في الدراجة على الطريق حتى وصلت المعهد. كنت يومها جدا متحمس لأني بعد المعهد على طول راح اسوق الدراجة الى مدينة كولون لمقابلة (المغول)! وهم شخصين يعتبرون شركاء لصديق آخر اسمه مايك وهو الراعي الاعلامي لرحلاتي من خلال مجلته (اوفرلاند يوروب) ومايك وعدني برحلة بالدراجة الى منغوليا في الصيف, كان المفروض اقابل المغول في هذا اليوم على الغداء للاتفاق على تفاصيل الرحلة كاملة لأنها سيتم تغطيتها من قبل الشركاء المغول!

المعاناه اليومية كل صباح لتقشير الصقيع من الدراجة

في أثناء آخر 45 دقيقة من الدرس الألماني, ماكنت منتبه للدرس ولا أي شي قالته المعلمة لأني كنت اصلا مسافر ذهنيا في منغوليا, كنت انتظر الساعة تصير 1 علشان انطلق بالدراجة الى كولون علشان التقي في مايك, وكاتارينا والمغول اللي وقتها ماكنت حتى مهتم اني اعرف اسمائهم حتى قابلتهم في المطعم! لوهلة كنت أظن اني رح اشوف رهبان ملتفين بشرشف أحمر وقرعان وماعطين انطباع انهم بوذيين من منغوليا, قليلين الكلام والتعابيرومايتكلمون ولا كلمة انجليزية ولكني كنت غلطان تماما! لأني شفت شخصين أنيقين لابسين لبس أنيق ومرتب مبتسمين وبشوشين ومتحدثين رائعين باللغتين الانجليزية والألمانية وقاعدين يشربون بيرة! استقبلوني وكأنهم اصحاب المكان واعرضوا علي اتغدى معاهم واعطوني المنيو وبدأنا العمل على طول نتكلم عن تفاصيل الرحلة, وطلعوا الخرائط والمنشورات الخاصة بالبلد ومسار الرحلة اللي بنطلع عليها, الواضح من خلال الحديث انهم متحمسين للرحلة أكثر مني انا وهالشي شجعني اني اتحمس أكثر لهذه الرحلة.

يوم بعد يوم وانا انتظر على أحر من الجمر ان يوصل شهر يونيو للانطلاق لهذه الرحلة, تطلب مني صبر طويل وحماس شديد حتى لقيت نفسي في 3 يونيو وفي مطار فرانكفورت واقف في الطابور انتظر ادخل شناطي في واخذ بطاقة الصعود للطائرة معاي كاترينا اللي تشتغل معاي في الشركة, وكانت حقايبنا من النوع المخصص للمغامرات الكبيرة واللي يشوفنا ومايعرف احنا وين رايحين بيقول هذول رايحين مغامرة كبيرة يمكن بيتسلقون ايفرست او يمكن منغوليا! والشي الصادم ان الطيارة مليانة على الآخرووقفنا في الطابور قريب الساعة حتى وصل دوري وسلمت الموظفة الجواز, وبداية من هذه اللحظة أقدر اقول ان المغامرة بدأت فعلا! لأن موظفة الطيران المنغولي قالت لي وين الفيزا؟ قلت شنو؟ قالت انت تحصل فيزا فور وصولك منغوليا كونك قطري, قلت ي طيب وين المشكلة اذا؟ بحصلها هناك! قالت لا, لازم موافقة وتسجيل مسبقين وبدون هالتسجيل والموافقة انا اسفة ماقدر اطلعك على هذه الطيارة! هني حسيت ان فعلا ماراح اطلع وبرجع بون حتى قلت لكاترينا انها تروح بنفسها وانا برجع, حتى صوتت علي الموظفة مرة ثانية قالت لي خلاص تقدر تعبي الطلب وانتي هني على الكاونتر بس لازم تعبيه باسرع وقت ممكن! وتدفع من خلال الموقع الكترونيا, بديت اعبي الطلب امامها حتى وصلت الى الدفع اونلاين للاسف ماشتغل النظام معاي, في الآخر سويت سكرين شوت وخليتها تشوفه والحمدلله انها قبلت الطلب ودخلت شناطي واعطتني البوردنغ!

لما دخلنا الطيارة قعدونا في اخر ثلاث صفوف مما اعطانا شوي هدوء وخصوصية اكثر من المقاعد الأمامية, موظفين الطيارة كانوا بشوشين والأكل لاباس فيه, قالي المنغولي ان ممكن اشوف رجل ومرته سويسريين بيكونون معانا في المغامرة ممكن يكونون بعد في الطيارة معانا. هم رح يرافقوني في الرحلة ولكنهم على السيارة الرباعية الدفع وراي وانا على الدراجة. المفروض ان ثاني يوم بعد وصولنا تبدأ المغامرة الفعلية على الدراجات والتخييم بعد وثولنا والاستراحة والتجول في ارجاء مدينو اولانباتار, تخوفي الوحيد كان اذا بيصير خلل في نومي بسبب فرق التوقيت وهالشي ممكن يأثر على الاداء بالدراجة النارية ثاني يوم. وصلنا مطار جنكيز خان في فجر اليوم الثاني واستقبلنا (اوغي) وهو المنغولي نفسه للي قابلته في كولون قبل ثلاث شهور, استقبلنا بابتسامته العريضة وكوب من الكابتشينو الدافي! وهالشي صدمني شلون في منغوليا في كابتشينو, وانا اللي كنت اظن ان لو حصلت صابون للاستحمام رح اكون محظوظ ولكني كنت مخطيء تماما ولما طلعت المواقف لقيت بعد سيارات وايد فارهة في مواقف المطار.

الترحيب فينا بكوب كابتشينو دافيء

استغرق منا 45 دقيقة تقريبا حتى وصلنا وسط البلد, كان الطريق مليان بالوديان والسهول الخضراء الممتدة على طول الطريق والطبيعة فعلا خيال, وجبال في بعض الجهات تبين من بعيد والكثير من الخيول البرية المتنثرة يمين ويسار, لدرجة اني لاحظت عدد الخيول اكثر بكثير من عدد البشر اللي شفناهم في الطريق! بعد ماحصلنا مفاتيح الغرف وشربنا قهوة اضافية انا رحت غرفتي ونمت تقريبا اربع ساعات وبعدها رجعت نزلت اللوبي والتقيت في اوغي والسويسريين وكاترينا ومشينا كلنا في وسط البلد حتى وصلنا مطعم يقدم مأكولات عالمية تغدينا فيه وبعدها كملنا مشي حتى وصلنا أكبر متحف في كل منغوليا, وهو متحف جنكيز خان, هذا المتحف اللي دايما اسمع عنه يتكلمون عنه كل شخص زار منغوليا وهو عبارة عن تقريبا 5-6 طوابق مختلفة وكل طابق يتناول حقبة زمنية من عصور الامبراطورية المغولية من بداياتها ونشأتها حتى مابعد زوالها. المتحف ايضا تضمن الموسيقى المغولية والأسلحة وصناعاتها والأزياء وتأثرهم بالثقافات والديانات الأخرى.

بوابة متحف جنكيز خان

تمثال جنكيز خان في اكبر ميدان وسط العاصمة المنغولية اولانباتار

وبعدها تمشينها في المدينة الكبيرة المزدحمة بين اسواقها ومقاهيها حتى وصلنا للفندق علشان نبدل ونريح لمدة ساعة وبعدها حضرنا مهرجان موسيقى منغولية, اللي يقدمون من خلالها عروض موسيقية من مختلف مناطق منغوليا من شرقها الى غربها, شمالها الى جنوبها, وفي هذا المسرح قابلت كل الاجانب اللي كانوا معاي في الطيارة وكأننا كلنا متفقين نروح هناك بعد المطار! للأسف ان التصوير والفيديو ممنوع منعا باتا في هذا العرض وماقدرت التقط اي لقطة ولكن كان العرض يستحق المشاهردة بالرغم من الارهاق الشديد اللي مريت فيه يومها. عادة انا ماحب احضر مثل هذه العروض لأني اشوفها مملة ولكن هذا العرض في منغوليا يعتبر فرصة كبيرة لأنه يختصر البلد كلها في صالة وحدة, حتى السويسريين (ماكس ومونيكا) حضروه معاي للمرة الثانية لأنهم كانوا موجودين السنة اللي طافت. وبعد العرض على طول طلعنا كلنا بالسيارة الى مطعم منغولي فخم وهناك التقينا مع زوجة اوغي وولده, وفي هذا المطعم عبارة عن نظام اللي تطبخ فيه اكلك بنفسك ومعظم الاطباق هي شوربات ولحوم انت تشويها بطريقتك واللحوم معظمها لحم الحصان مع البهارات والاملاح امامك تختارها على حسب احتياجك, في هذا النوع من المطاعم راح تظل تاكل وتاكل حتى يشيلون عنك الصحون من الطاولة!

 

انتهى يومنا اللي كان طويل جدا محسوب من الصباح اللي قبله لحظة خروجي من فرانكفورت حتى امسية اليوم اللي بعده وحان وقت النوم لليلة الاولى في منغوليا والليلة الاولى والاخيرة في فندق فخم في منغوليا حيث بعدها تبدأ المغامرة الحقيقية, وللأسف تغيير الوقت طير النوم من عيني وظليت سهران الليل كله لدرجة اني نمت ساعة واحدة بس ولكن الحماس الشديد بعد خلاني سهران ومتحمس لليوم الثاني والمغامرة والنطة على الدراجة. انتظروا الجزء الثاني من هذه القصة واللي فيها المغامرة تبدأ